الكنبوري : نداء إلى المثقفين حول حراك الحسيمة .. إلى أين نسير؟

بقلم : إدريس الكنبوري

منذ أشهر عدة وحراك الحسيمة مستمر بدون أفق حتى الآن. ثمانية أشهر من الجمود وثمانية أشهر من الاحتجاجات وثمانية أشهر من التدخل الأمني، لكن ثمانية أشهر أيضا من غياب وساطة جدية بين المتظاهرين والدولة.

وبعد هذه المدة الطويلة صار الأمر مزعجا ومثيرا للقلق: إلى أين نسير؟ ما هي دواعي استمرار الاحتجاجات رغم التأكيدات الصادرة من الدولة؟ هل هو غياب الثقة؟ هل هو اعتقال متزعمي الحراك فقط؟ لماذا لا تطلق الدولة المعتقلين لاختبار هذا الحل؟ ما هو المطلوب في النهاية من المحتجين؟ وما هي إمكانيات الدولة للتعامل الجدي مع الأوضاع العامة في الحسيمة؟.

رغم كل هذا التعقيد في الموقف ظل المثقف المغربي في دائرة هامشية. المثقف الوطني المسؤول لا المثقف “الملحق” بالهيئات والتنظيمات الحزبية أو الذي يقف في الوسط ويضع احتمالات الربح والخسارة.

إن المثقف المغربي معني بما يجري، حتى ولو تسمع كلمته من أصحاب القرار، وعليه أن يدلي بكلمته في هذه النازلة وأن يكون واضحا في الاصطفاف إلى جانب الوطن، الوطن الذي يوجد في الحسيمة وفي الرباط وفي كل مكان من هذه الأرض السعيدة، التي نريدها فعلا أرضا سعيدة للجميع.

لقد سمعنا صوت المثقف في قضايا أقل بكثير مما يجري اليوم، ورأيناه يتخذ موقفا حاسما لا يداهن في عدة أسئلة.

رأيناه حاسما في موقفه من السياسة، ورأيناه حاسما في موقفه من العلمانية، وفي موقفه من الدين، ورأيناه جريئا في الخوض في مثل هذه القضايا، لكننا اليوم لا نسمع له صوتا يمكن أن يضيء الظلام المحيط بنا، والذي يوشك أن يغرقنا جميعا.

لقد وصل الأمر إلى حالة من الانزلاق المخيفة بسبب هذا الحراك الذي يهدد بتوسيع الفجوة بين المواطن في الريف وبين الدولة، وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ المغرب الحديث منذ حقبة الخمسينات من القرن الماضي، وإننا مهددون بأن نفقد معاني الانتماء إلى وطن واحد ومعنى الانتماء إلى الدولة.

ومنذ نهاية التسعينات من القرن الماضي وما قامت به الدولة تجاه هذه المنطقة، في اتجاه المصالحة التاريخية مع الريف، نوشك اليوم على إضاعة هذا الرصيد الوطني الحافل وأن نعود إلى الخلف. إنني أوجه من هذا المكان نداء إلى جميع المثقفين من كل الاتجاهات، بمن فيهم أولئك المحسوبين على المؤسسات الدينية والعلمية، لكي يقودوا مبادرة حقيقية تحسب لهم.

لقد لعب المثقفون في تاريخ المغرب أدوارا طلائعية، فالحركة الوطنية كانت حركة مثقفين وعلماء، وحركة اليسار المغربي في انطلاقتها كانت حركة مثقفين، والحركة الإسلامية في انطلاقتها كانت حركة مثقفين، ودور المثقف أن يقدم شهادته للتاريخ وللوطن، وأن يعيد الثقة في موقعه داخل المجتمع في هذا الذي يجري أمام أعيننا.

إنه نداء يمكن أن يتبلور بمعية المثقفين المغاربة الذين يهمهم ما يجري، ويمكنه أن يتجسد في واحدة من الخيارات الممكنة، كتوجيه نداء إلى الدولة ونداء إلى المحتجين، واقتراح صيغة للحل.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد