خمسون عاما على رحيل تشي غيفارا .. زار المغرب بدعوة من عبد الله إبراهيم و حاصره الحسن الثاني بفندق ‘باليما’

زنقة 20 . الرباط

أحيت كوبا الأحد الماضي 8 أكتوبر 2017، ذكرى الزعيم الأرجنتيني الثائر إرنستو تشي غيفارا، الذي قتل قبل خمسين عاما في أدغال بوليفيا وتكريمه في مدينة “سانتا كلارا” بوسط البلاد.

ما لا يعرفه البعض أن اسمه الحقيقي كان ”أرنستو لينش” ويعتقد الجميع بأنه كوبيا بسبب أفعاله في كوبا، لكن الحقيقة أن تشي جيفارا ولد في الأرجنتين ولم يكن مواطنا كوبيا قط.

غيفارا زار المغرب أواخر شهر غشت من سنة 1959 بدعوة رسمية من رئيس الحكومة آنذاك عبد الله إبراهيم ، و اثارت الجدل الكبير، كما أشعلت صراعات بين حكومة عبد الله إبراهيم والاستقلاليين، بزعامة علال الفاسي، ومولاي الحسن، ولي العهد انذاك.

“بناء على الدعوة الرسمية ليغفارا بزيارة المغرب (…)، فوجئت في أحد الأيام بأحد نشطاء الحزب وهو يبلغني، وأنا في رئاسة الحكومة، بأن غيفارا موجود في أحد فنادق الرباط قرب محطة القطارات، تحت حراسة أمنية مشددة، بتعليمات من محمد الغزاوي، المدير العام للأمن الوطني، ولدى اتصالي بهذا الأخير مستفسرا عن أسباب هذا الاحتجاز، أجابني بأنه ينفذ بذلك تعليمات (سميت سيدي) ولي العهد”، يتحدث عبد الله إبراهيم في مذكراته.

“يبدو أن الكوبيين نزلوا فجأة بالمطار، وهو ما فاجأ الأمن، خصوصا أنهم كانوا يلبسون لباسا كاكي اللون”، يشير محمد لومة في كتابه “سنوات الصمود وسط الإعصار” نقلا عن عبد الله إبراهيم، فضلا عن الطابع المفاجئ للزيارة، كانت علاقة ولي العهد الحسن الثاني بعبد الله إبراهيم متوترة.

لم يكن الأمن والجيش تابعين للحكومة المستقلة، وهو ما يبرر التصرف الذي قام به مدير الأمن آنذاك “الغزاوي”، بإيعاز من الأمير مولاي الحسن.

هذا الأمر أثار امتعاض عبد الله إبراهيم الذي خاطب مدير الأمن، محمد الغزاوي، قائلا، “قلت له بأن تصرفه لا يمكن قبوله، ذلك أن زيارة غيفارا للمغرب جاءت بدعوة رسمية مني، وبالتالي، فإن اعتقاله أو الترحيب به مسألة تتعلق برئيس الوزراء دون سواه”.

في هذه اللحظة سيدخل حزب الاستقلال على الخط، وفق ما ذكره محمد لومة، إذ نشرت جريدة “الأيام”، التابعة لحزب الاستقلال انذاك، وعبر مقالات افتتاحيات وقعها علال الفاسي نفسه، أنه “كان من الواجب على الرئيس، على الأقل، أن يذكر الوفود التي قام بدعوتها لزيارة المغرب، وأن يخبر بذلك جميع الدوائر المسؤولية”.

كان “تشي غيفارا”، رفقة أعضاء الوفد الكوبي، يقيمون بفندق “باليما” وسط العاصمة الرباط و خصصت للوفد الكوبي إقامة خاصة بالفندق الشهير، تحت توصية واهتمام خاصين من الأمير مولاي عبد الله، قضى “إرنيستو تشي غيفارا” يومين داخل الفندق قبل أن يقدم عبد الله إبراهيم بنفسه لإخراجه من الفندق.

“لم أغادر الفندق حتى أنجزت التدابير الخاصة بالإفراج عن غيفارا ورفاقه الأربعة من كبار موظفي الدولة الكوبية الوليدة، وكانوا يبدون بقاماتهم الفارغة ولحاهم الكثة ولباسهم الكاكي الخالي من الرتب العسكرية…كانوا يبدون بأجسام قوية حديثة العهد بحرب العصابات”، يشير عبد الله إبراهيم في مذكراته.

وخصصت للوفد الكوبي، كما يقول محمد لومة، سيارة الرئاسة التي قادتهم إلى فيلا بحي السوسي وفي هذا الصدد يروي عبد الله إبراهيم، “حرصت على أن يوجهوا في موكب رسمي مخفوف بالدراجات النارية نحو إحدى الإقامات الرسمية للدولة في حي السوسي في الرباط”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد