تفاصيل رحلة منبر Rue20.com، إلى دوار “شهيد الثلوج” بجبال بويبلان المعزول عن العالم

زنقة20- إعداد/ كمال لمريني

“بغينا الطريق”، كلمة رددها سكان دوار تنكرارمت أولاد الفرح ببويبلان في إقليم تازة، لأكثر من مرة، إنه مطلب يشكل بالنسبة إليهم الحلم الذي قد ينسيهم وجع الحياة وظروف العيش المؤلمة، حيث أنه بفعل غياب الطريق يعيشون المعاناة، إذ ترمي بهم التساقطات الثلجية التي تشهدها المنطقة في “غياهب النسيان”، وهو ما يجعلهم ينعزلون عن العالم الخارجي.

في دوار “شهيد الثلوج”، الواقع تحت سفح جبل موشح بالبياض، الطقس شبه بارد، وعلى وجوه ساكنة الدوار مرسومة المعاناة وعلامات الفقر والفاقة المذقعة،..منازل مشيدة بالخشب والطين تحاذي واديا كبيرا ودائم الجريان، عند عتبة أبوابها الخشبية ذات الصنع اليدوي، يركن الخشب والحطب، ويسمع ثغاء المعز ومأمأة الخرفان.

الساعة تشير الى حوالي الثالثة والنصف مساء، موقع rue20.com، يحط بالدوار، بعد أن قطع مسافة تزيد عن 130 كيلومترا، عبر الطريق الجهوية 507 المحفوفة بالمخاطر، انطلاقا من مدينة تازة، بغرض الوقوف على حجم المعاناة التي تعيشها الساكنة، دلنا عليه شخص إسمه “قبيبح”، رافقنا طيلة الرحلة.

بمجرد وصولنا الى الدوار استقبلنا بحفاوة كبيرة شخص آخر إسمه “بناصر”، حيث بمجرد الحديث اليه قال:”إنكم أول صحفي يصل الدوار مرحبا بكم في تنكرارمت”.

الساكنة هنا لغتها الرسمية هي الامازيغية، هم أناس كرماء وأسخياء، يحبون الضيوف، قبل شروعنا في أخذ تصريحاتهم دعانا إلى بيته فقيه إسمه أحمد، كان يرتدي جلبابا أزرقا قال لنا:”أنتم من طرف أبنائي مرحبا بكم في بيتي”، أحضر براد شاي و صحنا مليئا ب”الكرعاع”، نزولا عند رغبته تناولنا كؤوس الشاي وبعض حبات “الكركاع “.

اصطحبنا إلى منزل “حميد بعلي” الذي إفترش الأرض الباردة وتوسد الأحجار والتحف الثلوج شخص إسمه “قبيبح”، قبل بلوغنا المنزل، وجدنا في إستقبالنا شقيق الراحل وعددا من الاشخاص، قدمنا لهم واجب العزاء، في حين دعوناهم الى دعوة والدته، خرجت الينا هي الأخرى وعبرنا لها عن تعازينا.

قالت والدة الفقيد في حديثها إلى طاقم موقع rue20.com، إن ابنها حميد خرج من المنزل صباح يوم السبت 28 أكتوبر الماضي، لاستعادة الماشية التي كانت ترعى في قمة الجبل ولم يعد، وأن غيابه عنها شكل لديها صدمة قوية وأشعل بداخلها لهيب الفراق، وجعلها تجهش بالبكاء في كل لحظة وحين، كونه هو المعيل الوحيد للعائلة.

وبلغة يطغى عليها الحزن، تحدث إلينا شقيق الراحل إذ قال:”أنا لم أفقد حميد، بل فقدت يدي اليمنى كان هو من يعيل العائلة، كون بعض إخوته يعانون من الإعاقة، ناهيك عن معاناة الفقر وقساوة الحياة بالدوار.”

شباب وشيوخ ونساء وأطفال، إلتفوا حولنا ونحن نقوم بأخذ تصريحات أفراد عائلة الفقيد، لكل واحد فيهم رغبة في الكلام للتعبير عن حجم المعاناة التي يعيشون على وقعها والافصاح عن مطالبهم، قبل الشروع في التسجيل، يمد إلينا شيخ القبيلة (عون سلطة) الهاتف للتحدث الى قائد المنطقة، في حين يمد شخص آخر الهاتف للتحدث الى قائد مركز الدرك الملكي، فتمحورت الاسئلة حول هويتنا ومن نكون، وهل نتوفر على ترخيص من طرف المركز السينمائي المغربي، أعطيانهم الإجابات، فكانوا في مستوى اللباقة.

ميكرو rue20.com، استقى تصريحات متنوعة من قلب الدوار، تضمنت شروحات حول وفاة “حميد بعلي” وطريقة العثور عليه والدور الذي لعبته السلطات المحلية والإقليمية في عملية العثور على جثة “شهيد الثلوج”، ومطالب وإحتياجات الساكنة.

غالبية التصريحات ذات الطابع المطلبي، صبت في إتجاه إحداث قرية نموذجية بالدوار، وإنشاء مستوصف صحي، ومدرسة، بالإضافة الى إصلاح الطريق لفك العزلة عنهم، كونهم أثناء التساقطات الثلجية لا يقدرون على بلوغ قرية “تمطروشت” للتسوق وقضاء أغراضهم، بفعل غياب المواصلات.

بالرغم من أن الرحلة إلى دوار تنكرارمت، كانت صعبة وجد متعبة، فان العمل الذي قمنا به جعلنا نشعر بأننا قدمنا لساكنة الدوار خدمة طالما إنتظروها لإيصال صوتهم الى الحكومة من أجل الاستماع إليهم، والتفاعل مع مطالبهم، عوض تركهم عرضة للضياع والعزلة في دوار يركن في هامش الهامش في سلسلة الأطلس المتوسط بإقليم تازة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد