منتدى ‘طريق الحرير’ بمراكش يدعو لاستلهام التجارب المشتركة لتدبير أفضل للمُدن

زنقة 20. مراكش

دعا رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة إلياس العماري صباح يومه الخميس بمراكش، باسم جمعية جهات المغرب في افتتاح الدورة الثانية من منتدى المدن الصينية والعربية، الى استهلاك التجارب المشتركة العربية-الصينية لتدبير أفضل للمدن.

ونوه العُماري خلال كلمته بالدلالة الخاصة لاختيار مدينة مراكش، التي تعني بالأمازيغية أرض الإله، لاحتضان هذا المنتدى، لما تعكسه من تنوع وتفاعل عمراني بين عدة حضارات، أمازيغية وافريقية وعربية إسلامية. وهي بذلك تعتبر مثالا للبناء المشترك للمجتمعات.

وشدد العُماري على أن هذا المنتدى سيمكن من اقتسام التجارب بين الحضارتين العربية والصينية العريقة في التاريخ، موضحا أن المدن الصينية عرفت تحولا سريعا بفضل التكنولوجيا الرقمية.

واعتبر العماري أن هذا اللقاء الذي يتمحور حول “البناء المشترك لمجتمعات طريق الحرير: دور المدن العربية والصينية”، سيسمح بتقديم تجاربَ رائدة في تدبير المدن، سواء من داخل الفضاء الجغرافي العربي، أو من جمهورية الصين الشعبية. وهي فرصة سانحة للتبادل بين تجربتين ضاربتين في التاريخ والحضارة، يجمعهما تاريخ طويل من الاحتكاك والتقارب، رغم بعد المسافات.

وأشار العماري إلى أن التعاون الثنائي المغربي الصيني، الذي مرت عليه ستون سنة، والذي تعزز بتوقيع الإعلان المشترك المتعلق بإرساء شراكة استراتيجية بين البلدين من طرف الملك محمد السادس و رئيس جمهورية الصين سنة 2016، يشكل حافزا إيجابيا لتعميق التعاون وتبادل الخبرات الجيدة بين الطرفين في جميع المجالات، كما يشكل حافزا، أيضا، للدول العربية الشقيقة لتعزيز التعاون فيما بينها، من جهة، وفيما بينها وبين جمهورية الصين الشعبية من جهة ثانية.

من جهته، قال وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة عزيز الرباح ، اليوم الخميس بمراكش، إن المملكة المغربية على استعداد دائم للإسهام الفعال في كل المبادرات الهادفة إلى وضع الأسس القوية والمتناسقة لشراكة مندمجة بين المدن الصينية والمدن العربية ، من خلال تفعيل وأجرأة مبادرة “الحزام والطريق” على أرض الواقع.

وأضاف في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة الثانية لمنتدى المدن الصينية والعربية المنظم على مدى يومين حول موضوع “البناء المشترك لمجتمعات طريق الحرير: دور المدن العربية والصينية” ، أن هذه الشراكة تنبني عبر تطوير آليات العمل المشترك وتشجيع الاستثمار وتأهيل المدن والمواطن في المنطقتين، على أساس الاحترام المتبادل، ومبدأ رابح-رابح.

وأبرز الوزير أن ما يجمع الدول العربية بالصيـن لا ينحصر في العلاقات الدبلوماسية فحسب، وإنما ينبني، أكثر من ذلك، على روابط تاريخية وحضارية استندت في نشأتها على طريق الحرير القديم، الذي كان له الفضل في زيادة مساحة الاختلاط والتجاذب الثقافي والتأثير الإيجابي المتبادل بين شعوب المنطقتين.

وبعد أن نوه بالجهود المبذولة من قبل المسؤولين الصينيين وجمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية، وجامعة الدول العربية ومنظمة المدن العربية للارتقاء بالتعاون بين المدن الصينية والمدن العربية، أكد السيد الرباح، أن حضور هذه النخبة في فعاليات هذا المنتدى، يعبر بحق عن الإرادة القوية التي تحدو المشرفين عليه من أجل السير قدما بالمدن العربية والصينية وتطويرها والاستفادة من التجارب الرائدة في المجالات التي تهم الحواضر العربية والصينية.

وأشار إلى أن موضوع هذا المنتدى يحظى بأهمية قصوى باعتباره يجسد إحدى انشغالات السلطات العمومية والمحلية في البلدان العربية ودولة الصين، سواء في إطار الشراكات الاستراتيجية التي تجمع بين مجموعة من الدول العربية والصين، أو في إطار اتفاقيات التوأمة التي تجمع بين مجموعة مهمة من المدن العربية والمدن الصينية، مبرزا أن الأداء القوي للتنمية الحضرية في الصين يثير الاهتمام والتفكير ويدعو البلدان العربية إلى الاستفادة من هذه التجربة من خلال تظافر الجهود المشتركة بين الدولة والجماعات الترابية لتحسين القدرة التنافسية الوطنية، واعتماد استراتيجية للتنمية الحضرية الشاملة.

ودعا ، في هذا السياق ، المدن والمجالات الترابية والجهوية العربية إلى العمل من أجل تطوير قدراتها، عبر الاستغلال الأمثل لمختلف التجارب والفرص الناجحة وتعزيز إمكانياتها وعصرنة أساليب تدبيرها وتحسين وتنويع خدماتها، حتى تتمكن من تحقيق التنمية ومواجهة التحديات في مختلف الميادين.

وذكر ، بهذه المناسبة، بأن المغرب، وانطلاقا من تجربته الطويلة في مجال اللامركزية، وتفعيلا للجهوية المتقدمة، التي أقرها دستور 2011، يوجد اليوم، في مرحلة متطورة تتميز بإصلاحات عميقة تمنح الجماعات الترابية وتمكنها من صلاحيات وسلطات واسعة لجعلها قادرة على اتخاذ قراراتها باستقلالية مالية وإدارية أكبر.

ووعيا بالأهمية التي يكتسيها التوازن الجيد للتنمية الترابية والجهوية بالنسبة لتنشيط الدورة الاقتصادية، وخلق فضاءات قوامها التماسك الاجتماعي، وسلامة المحيط البيئي، وإغناء الحقل الثقافي، وتطوير وتحسين المجال الخدماتي، عمل المغرب ، يقول الوزير، على تعزيز التدخلات بالمدن وتأهيل المدن العتيقة، وتحسين أساليب حكامة المدن الكبرى والمجالات القروية، فضلا عن اعتماد المملكة المغربية على مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، للنهوض بالرأسمال البشري، والعناية بالأجيال الصاعدة، ودعم الفئات في وضعية هشاشة، وتدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية، والخدمات الاجتماعية الأساسية، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب.

من جانبه، أكد ممثل الوفد الصيني، أركين أمير البيك ، أن جمعية الصداقة الصينية العربية تقوم على أساس تعزيز التعاون والشراكة المثمرة في جميع المجالات، مذكرا بعمق وقدم هذه العلاقات التي تعود إلى 2000 سنة.

ونظرا للتطورات والتحول الذي يعرفه العالم حاليا، أكد ممثل الوفد الصيني، أن التعاون بين المنظمة العربية والصين أصبح أكثر من واجب، مع التماسك بمبادئ تبادل المنافع والتشارك لتحقيق التنمية والاندماج بالمدن الصينية والعربية، مؤكدا من جانب آخر، على ضرورة دعم الروابط والعلاقات الآسيوية والإفريقية لترقى إلى مستوى جيد.

من جهته، أوضح الكاتب العام لمنظمة المدن العربية أحمد حمد الصبيح، أن هذه المنظمة العربية وضعت استراتيجية ترمي إلى تعزيز علاقاتها مع شركائها بالصين والذين ساهموا في تحقيق قفزة نوعية في المدن العربية، مضيفا أن المدن الصينية والعربية حققت مكتسبات كبرى جعلت منها مدنا ذات جاذبية كبرى بالنسبة للاستثمارات.

من جهته، أكد رئيس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات الترابية محمد بودرا، أن المدن الصينية والعربية تواجه نفس التحديات، تتجلى بالخصوص في التفاوتات بين المدن من جهة والمدن والمجال القروي من جهة أخرى، والمشاكل المرتبطة بالتلاحم الاجتماعي، والسكن، وأن هذه التحديات هي مشتركة بين المدن الصينية والعربية، مع بعض الاختلاف، داعيا المسؤولين الصينيين والعرب إلى العمل على إعادة الإعتبار للدور الذي كانت تضطلع به هذه المدن في الماضي باعتبارها فضاء مرور وتبادل متميز وجسر بين المشرق والمغرب.

ويندرج هذا المنتدى، المنظم من طرف وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية)، في إطار التعاون والتنسيق مع جمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية ومنظمة المدن العربية، وبشراكة مع الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات وجمعية جهات المغرب.

ويهدف هذا الملتقى إلى دعم أهداف التنمية المشتركة بين الدول العربية والصين في العديد من المجالات وتعميق الصداقة الصينية العربية، بالإضافة إلى إرساء منصة للحوار بين مدبري الشأن المحلي بهذه الدول، بغية تبادل وجهات النظر والتجارب الرائدة حول قضايا التنمية المستدامة الشاملة ذات الاهتمام المشترك.

ويعرف هذا المنتدى حضور حوالي 250 مشاركا، يمثلون نخبة متميزة من المسؤولين الصينين الممثلين للعديد من الجهات الرسمية والشعبية والاكاديمية والحكومات المحلية والمقاطعات الصينية والقطاع الخاص، ونظرائهم من بعض الدول العربية الصديقة والشقيقة بالإضافة إلى مشاركين من المغرب يمثلون رؤساء مجالس الجهات ورؤساء الجماعات الترابية وممثلي الإدارة المركزية وممثلي بعض القطاعات الحكومية والوكالات والمؤسسات العمومية ذات الصلة.

وتتمحور أشغال هذا المنتدى حول مواضيع تهم “المدن الذكية” و”المحافظة على التراث” و “الإسكان” و”التسويق الترابي” و”دور البنيات التحتية في تنمية المدن”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد