روح منتج سينمائي جزائري انتحر حرقاً للإطاحة بنظام بوتفليقة ترفرف في مهرجان دولي للسينما الأمازيغية بأكادير !

زنقة 20 | يونس مزيه

في ظل حراك شعبي جزائري أطاح بالرئيس بوتفليقة، رفرفت روح منتج ومخرج تلفزيوني جزائري بمدينة أكادير، اختار انهاء حياته حرقا أمام مقر الاذاعة و التلفزيون الجزائري مطلع السنة الجارية احتجاجا على مماطلة إدارة القناة في صرف مستحقاته المالية العالقة لديها نظير إنتاجه برامج تلفزيونية.

اسني ن ورغ، المهرجان الدولي للفيلم الأمازيغي اختار تكريم السينما الجزائرية، في وقت تصدح فيه حناجر الملايين من الجزائريين للمطالبة بتغيير النظام، جعلنا نتساءل عن الرسائل التي أراد منظموا هذه التظاهرة تمريرها، فكان لابد من وجهة نظر المدي الفني للمهرجان رشيد بوقسيم.

ما هي رسالة المهرجان من خلال تكريم روح فنان جزائري في الظرفية الحالية التي تعيش فيها الجزائر حراكا شعبيا؟

فُجِعْنَا في الوسط الفني المغربي بوفاة المنتج والمخرج التلفزيوني الجزائري يوسف كوسيم، متأثرا بجراحه، بعد أن أقدم على الانتحار حرقا. تحول نزاع تجاري، إلى دراما أودت بحياة خيرة السينمائيين الجزائريين دفع إسني ن ورغ إلى طرح ذات السؤال الذي طرحه كوسيم وكبده خسارة حياته: لماذا الحكرة؟ ولماذا حكرة الفنان الأمازيغي تحديدا. ولا أخفيك أننا عندما طرحنا إسم كوسيم للتكريم بالمهرجان وتداولنا بشأنه، لم نستحضر البتة جنسيته وهويته وأصوله الجغرافية.

إن الذي استحضرناه بالدرجة الأولى كان الجرح الإنساني الذي خلفه فقدان واحد من خيرة الفنانين المغاربيين. لم تفقد الجزائر كوسيم بل الفن فقده.

ولأن عمق الروابط بين الشعب الجزائري والمغربي خصوصا على ساحة سوس التي احتضنت ولاقحت بين فناني الضفتين لمدة ناهزت الإثني عشرة سنة –هي عمر مهرجان إسني ن ورغ- ، كان لابد من وقفة تأمل في المصاب الجلل الذي نكأ جراح الحكرة التي تعانيها الامازيغية هنا وهناك… كأن هناك هنا وكأن هنا هناك. قد أكون سرياليا إن قلت لك أن إسني ن ورغ لا يهمها ما يقع بالجزائر، غير أن التفاتة إسني ن ورغ إلى كوسيم .

هاته القامة الفنية بالجارة الجزائر، أملاه الحس التضامني الذي يؤطر اشتغال إسني ن ورغ، دون أن ننسى 12 سنة ونيف من الحضور المغاربي بإسني ن ورغ، لا يمكن إلا أن يجعل قضايا إفريقيا بمختلف امتداداتها حاضرة بقوة في برامج المهرجان الفنية والإنسانية والتضامنية، ومن ثم تكريم يوسف كوسيم شهيد الحكرة.

كيف يمكن تفسير تنظيم التظاهرة في ظل حراك شعبي أطاح بالرئيس الجزائري؟

إذا كان المقصود بالتظاهرة، مهرجان إسني ن ورغ، فهو سابق على الحراك بالجارة الجزائر وسابق على الإطاحة بالرئيس الجزائري. أما إذا كان المقصود هو تكريم “كوسيم”، فليس زخم الحراك الشعبي الجزائري بمنتظر تكريم أحد أبنائه، كيما يتأثر عنفوانه.

ولعل حضور الفنانين الجزائريين من سينمائيين مشاركين في المسابقة الرسمية للمهرجان، وأعضاء لجن التحكيم وعلى رأسهم الفنان الأسطورة كمال حمدي، فضلا عن عائلة وأصدقاء الشهيد كوسيم، لأكبر دليل على البعد التضامني لهذه الالتفاتة الإنسانية التي تتقاطع مع الديبلوماسية الفنية التي يضطلع بها مهرجان إسني ن ورغ منذ تأسيسه، والتي أسهمت بشهادة الجميع في تقريب وجهات النظر والرؤى والمواقف الفنية إزاء الكثير من القضايا المشتركة بيننا.

ما رسالة أكادير عاصمة للثقافة الأمازيغية؟ كان لزاما علينا أن نتحرك في اتجاه يتقاطع مع المقاصد الكبرى للتوجهات الاستراتيجية للبلاد فيما يخص قضايا الهوية والمشهد اللسني والثقافي على وجه التحديد.

وفي ظل مكتسبات مهمة تم تحقيقها اليوم بفضل نضالات العديد من الفاعلين والجمعيات والتنظيمات، واستثمارا للتراكم الحاصل في ملف الامازيغية والذي نعتبر صلبه إيجابيا بدون مواربة، أتت فكرة تبني شعار يحتكم إليه المهرجان ويلخص عمق رسالته فكان: أكادير، عاصمة للثقافة الأمازيغية.

لن نكتفي برفع عقيرتنا بالتذمر والتأفف الأجوفين من فلتات تأتي من هنا وهناك تعاكس مجرى التيار العام الذي يصب في جبر الضرر الذي أصاب الإنسان والثقافة الأمازيغيين بالمغرب بالرغم من الكثير من المؤاخذات التي يمكن أن تخطر لك على بال، والتي أعتبرها شخصيا وجيهة.

لن نكتفي بلعن الظلام والبكاء كلما عَنَّ لمؤسسة ما أو جهة ما أو أفراد ما أن ينتقصوا من الأمازيغية ويعلنوا هذه المدينة وتلك الجهة عاصمة للثقافة العربية على أرض أمازيغية، بل اخترنا الإسهام الفعلي في تحرير الذهنيات من ترسبات الخرافة الهوياتية ووضع لبنات حقيقية في صرح إدماج الأمازيغية في الحياة العامة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد