مثقفون مغاربيون يلامسون دور الثقافة في صناعة مجتمع حُر وإنساني

زنقة 20. الرباط

توقف عدد من المفكرين والمثقفين المغاربيين، اليوم الخميس بطنجة ضمن الندوة الأولى لمهرجان الثقافة الأمازيغية “ثويزا، عند حدود جرأة المثقف، بين حرية الموقف وقيود سلطة السياسة والاقتصاد والمجتمع.

وأبرز المفكر أحمد عصيد أن “المثقف في حاجة لكثير من الجرأة، أي الشجاعة في اتخاذ الموقف والتعبير عن الرأي في الوقت المناسب، وفي حاجة إلى الوضوح للتعبير عن ما يخالج فكره دون حسابات سياسية أو أخذ بعين الاعتبار لموقف الآخر”.

وأضاف أن “السياسة دون ثقافة تبقى عمياء تخبط خبط عشواء، والسياسة دون عمق ثقافي، تكون فاقدة للعمق الإنساني”، موضحا أن دور المثقف يتمثل في “البحث عن المعنى وتأويل وتفسير ما يجري للمجتمع واستشراف المستقبل ومآلاته، وهو دور رهين بحرية الحس النقدي وانحياز المثقف لما هو إنساني”.

من جانبه، اعتبر المفكر الجزائري، واسيني الأعرج، أن “جرأة المثقف ليست هي القدرة على القول فقط، بل هي الانخراط في هذا القول، حتى لا يقع في الازدواجية”، معربا عن اعتقاده في أن “الجرأة في العالم العربي، عموما، محدودة، لكونه لم يستطع في التاريخ المعاصر أن يخلق نموذجا أو أيقونة تشكل مرجعا للأجيال وعلامة تاريخية على وصول الفكر إلى مستوى معين”.

ومن خلال بعض نماذج المثقفين في التاريخ العربي المعاصر، سجل واسيني الأعرج أن “توقف جرأة المثقف في مرحلة معينة من مساره، تكون عواقبها وخيمة وتدفع به إلى النسيان”، داعيا المفكرين إلى ضرورة إعادة النظر في الجاهز من المسلمات.

بدوره قال الأديب والشاعر المغربي، صلاح الوديع، إنني “لا أتصور مثقفا دون جرأة”، معتبرا أن المثقف في الحقيقة هو صوت “جرأة المجتمع على نفسه، لأنه يلامس القضايا الحساسة بالحد الأدنى من الاستقلالية”.

واعتبر أن عالم اليوم يطرح تحديات عدة على المثقفين منها التداخل والتشابك الذي نراه ووحدة مصير المجموعات البشرية، وتسارع وتيرة الأحداث التي تحد من التفاعل الآني والمنتج، وتعدد منابر طرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة، وانحسار الفضاءات التقليدية لطرح المضامين الفكرية الاستشرافية، ودخول الشبكات الاجتماعية كفاعل أساسي.

من جهتها ذكرت المفكرة التونسية ألفة يوسف أن “المثقف هي صفة يطلقها عليك الآخر، بينما الجرأة ليست اختيارا أو قرارا إراديا، بل هي مفهوم سياقي وتاريخي مرتبط بالمجتمع وزمنه”، لافتة إلى أن “صدق المثقف في طرح القضية، مهما كانت، يجعل لها صدى لدى السامع”.

وتابعت أن “المجتمعات العربية والمغاربية إقصائية لا تقبل الاختلاف مع من لهم قراءة مختلفة”، مبرزة أنه “لدينا مشكلة مع الأنا، ومع رغبة البعض، من مختلف المشارب، في تنميط المجتمعات”.

أما الباحث المغربي عادل بنحمزة فاعتبر أن الثقافة مفهوم منفلت عن التعريف الدقيق، بينما حدود المثقف هي حدود إنسانية متمردة على كل القيود، منوها بأن “هناك من يتحدث اليوم عن نهاية المثقف بعد غياب السرديات الكبرى (التيارات الفكرية الكبرى القومية والدينية والإيديولوجية) وفشلها في تحقيق إنجازات”.

بالإضافة إلى المشاركين في هذه الندوة، يستضيف مهرجان “ثويزا” هذه السنة واحدا من أهم المثقفين والأدباء في العالم، ويتعلق الأمر بالشاعر الكبير أدونيس، بالإضافة إلى المفكر والفيلسوف التونسي يوسف الصديق، والكاتب الليبي إبراهيم الكوني، بالإضافة إلى محمد جبرون، ونجيب العوفي، وسعيد يقطين، وعبد الحميد جماهري.

ويناقش ضيوف المهرجان “مستقبل الثقافة في الفضاء المغاربي”، و”مستقبل الأمازيغية”، وآفاق الكتابة الإبداعية في منطقة شمال المغرب”، و”المشروع الفكري المعاصر في الفضاء المغاربي”، و”المقدمة في الموروث الميثولوجي الأمازيغي”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد